ملجأ
وصل بمعجزة إلى ذلك المكان المظلم.. استرد حواسه، تنفس الصعداء، بعد دقائق عاود صدره الصعود والهبوط بانتظام.. فتّش في جيوبه، أخرج علبة السجاير وأشعل لفافة.. نظر حوله، تراءى له هيئة ثلاثة جنود آخرين.. ابتسم بانتصار وقال:
ـ قد نكون الناجين الوحيدين من هذا الفوج البائس!
ثم استطرد متسائلا:
ـ ماذا سنفعل بعد أن ينتهي هذا المطر من القذائف؟ أين سنتجه؟
وتابع متنهداً:
ـ أطفالنا ينتظروننا.. زوجاتنا ينمن وحيدات في أسرتهن .. من يدري؟؟!
وقهقه ضاحكا.. تحدث كثيراً، كمن مسّه جنون، وحين لم يلحظ أية استجابة من المحيطين به، صاح بأعلى صوته:
ـ هل انتم نائمون حقا في هذا الجحيم؟ أجيبوا بربكم.. ألستم سعداء بنجاتكم؟
لم يرد عليه احد.
أشعل عود ثقاب، وقرّبه من وجوههم.. حينها تأكد له أنه يتحدث منذ ساعة إلى ثلاثة جثث!