1- فضله :
لا يخفى فضل القرآن عند من لديه أدنى علم شرعي، ذلكم أن القرآن الكريم
(كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار
والبصائر، فلا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه)
.
هو كلام الله العظيم، وصراطه المستقيم، ودستوره القويم، ناط به كل
سعادة، وهو رسالة الله الخالدة، ومعجزته الدائمة، ورحمته الواسعة، وحكمته
البالغة، ونعمته السابغة .
هو حجة الرسول صلى الله عليه وسلم الدامغة،
وآيته الكبرى، شاهدة برسالته وناطقة بنبوته . هو كتاب الإسلام في عقائده
وعباداته، وحكمه وأحكامه، وآدابه، وأخلاقه، وقصصه ومواعظه وأخباره.
هو
أساس رسالة التوحيد، والمصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية
والرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة ، والمحجة البيضاء التي لا
يزيغ عنها إلا هالك .
2- شفاعته لأهله :
ومن خصائص القرآن الكريم أنه يشفع لأهله يوم القيامة، ومن الأدلة على
ذلك حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، يقول : (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) رواه مسلم .
3- أنه شفاء :
قال تعالىٍ : (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (الإسراء : 82)، وقال سبحانه : (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) (فصلت : 44)، وقال عز وجل : (قد جاءكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) (يونس 57) .
وتدبر
وصف الله للقرآن بأنه شفاء ولم يصفه بأنه دواء، لأن الشفاء هو ثمرة الدواء
والهدف منه، أما الدواء فقد يفيد وقد يضر، فكان وصف القرآن بأنه شفاء
تأكيد لثمرة التداوي به والقرآن شفاء للأمراض النفسية، وما أحوج مجتمعاتنا
المعاصرة إلى التداوي بالقرآن لهذا الداء الوبيل، في عالم تتنازعه الأهواء
المادية والشهوات الجسدية والملذات الدنيوية ، لكن ينبغي أن نعلم أن
الاستشفاء بالقرآن يستدعي كمال اليقين، وقوة الاعتقاد وسلامته .
خصائص عامة
وهي كذلك خصائص كثيرة عديدة، منها :
1- تعهد الله بحفظه :
قال تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (الحجر : 9) .
وقد
مرت بالقرآن أحداث عظيمة وأهوال جسيمة وعوامل خطيرة، وتكالب عليه الأعداء
وتداعت عليه الأمم، ولو مر بعض ذلك على غير القرآن لأصابه ما أصاب الكتب
السابقة من التحريف والتغيير والتبديل . أما القرآن فقد مر بهذه الأحوال
المتماوجة والداوعي المتكالبة ولم تنل منه بغيتها، بل وصل إلينا كما أنزل
الله لم يتبدل ولم يتغير، ليتم الله نوره ولو كره الكافرون . أما الكتب
السابقة فلم يتعهد الله بحفظها، بل أوكل أمر حفظها إلى أهلها، فقال تعالى :
(إنا أنزلنا التوارة فيها هدى ونور يحكم بها
النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من
كتاب الله وكانوا عليه شهداء) (المادة: 44) .
2- حفظه في الصدور :
من أشرف خصائص القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى كلف الأمة بحفظه
كله، حيث يحفظه عدد كثير يثبت به التواتر ، وإلا أثمت الأمة كلها، وليس هذا
لكتاب غير القرآن . فالتوارة والإنجيل ترك لأهلهما أمر الحفظ، فاكتفوا
بالقراءة دون الحفظ، إلا قلة لا تكاد تذكر، ولم تتوافر الدواعي لحفظهما كما
توافرت لحفظ القرآن الكريم، فلم يكن لهما ثبوت قطعي كما هو للقرآن، فسهل
تحريفهما وتبديلهما .
3- اتصال السند :
من المعلوم أن أغلب الذين يتعلمون تلاوة القرآن إنما يتعلمون عن طريق
السماع، ولا يكتفون بتعلمه من المصاحف وحدها، ونعلم أن أساتذتهم تلقوه
أيضاً بالسماع عن طريق مشايخهم، وهكذا لا تنقطع هذه الطريقة، إلى أن تصل
طبقة التابعين ثم الصحابة ثم الرسول صلى الله عليه وسلم .وبهذا يكون سند
القرآن في كل عصر وفي كل حين متصلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس
هذا لكتاب غير القرآن الكريم، فقد شرف الله هذه الأمة باتصال سندها برسولها
صلى الله عليه وسلم .
دمتم برعاية الله
(من كتاب دراسات في علوم القرآن الكريم، للدكتور فهد الرومي)